كشف تقرير جارتنر لعام 2024 عن زلزال هزّ سوق أشباه الموصلات العالمي، حيث تفوقت الشركة الأمريكية إنفيديا على عمالقة مثل سامسونج وإنتل لتصبح القائد الجديد للسوق، مدفوعة بالطلب الهائل على تقنيات الذكاء الاصطناعي. هذا التحول الدراماتيكي يسلط الضوء على هيمنة الشركات الأمريكية والآسيوية، بينما يغيب أي ممثل أوروبي عن قائمة العشرة الأوائل.
طفرة غير مسبوقة.. والسوق يقفز إلى 656 مليار دولار
وصل حجم سوق أشباه الموصلات العالمية إلى 655.9 مليار دولار في 2024، مسجلاً نمواً صاروخياً بنسبة 21% مقارنة بالعام السابق. هذه القفزة تعكس الجشع التكنولوجي العالمي، خاصة مع الطلب المتزايد على الرقائق الإلكترونية التي تدعم كل شيء من الهواتف الذكية إلى السيارات ذاتية القيادة.
إنفيديا تُحطم التوقعات وتزيح سامسونج وإنتل عن العرش
الحدث الأكبر هذا العام هو صعود إنفيديا، الشركة المعروفة ببطاقات الرسومات لأجهزة الألعاب، إلى صدارة السوق بحصة 11.7%، متجاوزةً عملاقَي الصناعة سامسونج الكورية (10%) وإنتل الأمريكية (7.6%). هذا التحول يشبه فوز “الغريب” بسباق كان يُهيمن عليه لاعبان فقط!
لكن كيف حققت إنفيديا هذه القفزة؟
الجواب ببساطة: الذكاء الاصطناعي.
مع الحاجة الماسة لقوة معالجة هائلة لتشغيل نماذج مثل ChatGPT والتعرف على الصور والقيادة الذاتية، أصبحت معالجات إنفيديا الرسومية (GPU) – التي صُممت في الأصل للألعاب – العمود الفقري لمراكز البيانات الضخمة. نتيجة لذلك، قفزت إيرادات إنفيديا من قطاع الذكاء الاصطناعي بنسبة 120.1%!

ذاكرة “الذهب الرقمي”.. وصعود الشركات الآسيوية
إلى جانب الذكاء الاصطناعي، ساهم ارتفاع أسعار شرائح الذاكرة (مثل DRAM وNAND Flash) في نمو السوق بنسبة 73.4%، مما عزز أرباح شركات مثل:
-سامسونج (+60.8%)
-إس كيه هاينكس الكورية (+91.5%)
-مايكرون الأمريكية (+71%)
أما إنتل، فبالرغم من تحقيقها نمواً طفيفاً (+0.8%)، إلا أنها تبدو متخلفة عن سباق الذكاء الاصطناعي، مما يعكس تحول السوق لصالح اللاعبين الأكثر ابتكاراً في هذا المجال.
أين أوروبا؟ غياب صادم عن المنافسة
أبرز ما يلفت الانتباه هو الغياب الكامل للشركات الأوروبية من قائمة العشرة الكبار، التي تهيمن عليها:
-7 شركات أمريكية (بما فيها إنفيديا وإنتل)
-2 كوريتان جنوبيتان (سامسونج وإس كيه هاينكس)
-1 تايوانية
هذه الهيمنة تظهر مدى تركيز صناعة أشباه الموصلات في أيدي عدد قليل من الشركات العملاقة، بينما تواجه أوروبا تحدياً كبيراً لبناء وجود مؤثر في هذا السوق الاستراتيجي.
ماذا بعد؟
مع استمرار ثورة الذكاء الاصطناعي، يبدو أن إنفيديا قد رسخت نفسها كقوة لا تُهزم، بينما يجب على المنافسين مثل إنتل وسامسونج تطوير استراتيجيات أكثر جرأة لتعويض الفارق. أما أوروبا، فإذا أرادت اللحاق بالركب، عليها الاستثمار بقوة في صناعة الرقائق قبل فوات الأوان.